الأستاذ السيد أحمدو الطلبةصباحيات ذي المجازصباحيات ذي المجاز - صباحيات الخميس

أحاديث الفتوح / أ. السيد أحمدو الطلبة

فتحُ الفتوح تعالى أن يحيط به
نظم من الشعر، أو نثر من الخُطَب

فتح تُفَتَّح أبواب السماء له
وتبرز الأرض في أثوابها القُشُب

يا يوم وقعة عَمّوريّةَ انصرفت
منك المنى حُفّلا معسولةَ الحلب

أبقيتَ جَدَّ بني الإسلام في صعد
والمشركين ودار الشرك في صَبَب

قصيدة من غُرَر الشعر العربي، ومن خوالد بنات الأفكار، تركها أبو تمام على رَقّ التاريخ لتُحَدّث بعده الأجيال المتعاقبة من المسلمين عن يوم عظيم من أيامهم انحنت فيه هامات جبابرة الكفر أمام نعال حماة الدين وسدَنة كعبة آدابه ..

ظُلِمت فتاة في عاصمة بلاد الروم -حسَب بعض نقَلة التاريخ- فاستغاثت بخليفة المسلمين أبي إسحاق المعتصم بن الرشيد، فدوّت استغاثتها في أرجاء بغداد وسُرَّ مَن رأى وخرقت حُجب القصر المحروس وتجاوزت الحُجّاب لتُضرم شُعلة نار من الغضب في قلب الخليفة الشاب …

فكانت واقعة عمورية المشهودة التي أذلت الشرك وأهله وعاش المسلمون في نشوتها قرونا ..
ذلك اليوم الذي أبدع أبو تمام حين ربط بينه وبين أيام بدر بآصرة نَسَبيّة لم يُسبق لها أوحى إليه بها إلهام شعريٌّ منقطع النظير، مستندا في ذلك الربط لقرينة القافة التي لم يُلغها الشرع إلغاء كليا:

إن كان بين صروف الدهر من رحِم
موصولة، أو ذِمام غير منقضب .

فبين أيامك اللائي نُصِرتَ بها
وبين أيام بدر أقرب النَّسَب .

غضب المعتصم أن انتُهكَتْ حرمة فرد مغمور من عامة الأمة المحمدية، فقلَب رأسا على عقِب دولة كاملة من أشد دول العالَم قوة وأحَدّها شوكة وأعظمها بأسا (الروم ذوات القرون)  …

إن الفتح الذي تُفَتّح أبواب السماء له اليوم، هو ذلك الفتح المرتقَب الذي طالعتنا أولى بشائره يوم الثلاثاء المنصَرِم، وها نحن ننتظر غَضبةً معتصميّة لانتهاك أعظم حرمة من حُرَم الله على ظاهر الغبراء أو تحت رِواق الخضراء، تخسِف الأرض بدولة الإلحاد وتزلزل أركانها وتقطع دابرَها بقطع رأسها المقيت أولا، ثم إلحاق بقية الآراب به تِباعا، حتى تُجتثّ تلك الشجرة الخبيثة من فوق الأرض ما لها من قرار، ويثَبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ..

إن بُشَر الثلاثاء كانت نصرا إلهيا لجند إسلامي باسل من سيوف الإسلام و”نسيباته” ، جند حملتْ لوائه كتيبة المحامين الأشاوس وعلى رأسها الفارس البطل الصادق سيدي المختار بن سيدي الكنتي ..
والنقيب الشجاع الثبت الشيخ ولد حندي وباقي الكتيبة المفخرة …

فدت نفسي وما ملكَتْ يميني
فوارسَ صدّقَت فيهم ظنوني ..

وسقيا ورعيا لساحة ابن عباس وأفنية المحكمة وميدان المطار، مصطاف المحبين ومرتبعهم، ومَغدى المشوقين ومَراحهم، ومجرّ عوالي المناضلين، ومجرى سوابقهم،

أقام كل ملث الودق رَجّاس
على ديار بعلو الشام أدراس

فيها لعلوة مصطاف ومرتبَع
من بانقوسى وباتلّا وبطياس ..

ولعل في مقبل الأيام ما يُثلِج الصدور ويُبرئ القلوب، (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة اعين) ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق