التدخين: مخاطر وأضرار لاتحتمل الإنتظار / محمدي ولد التجاني
شهد النصف الثاني من القرن الماضي وما مضى من هذا القرن تطورا علميا عظيما، عماده استمرار ظهور الحقائق العلمية، وعليه فقد أصبحت الثقافة الصحية من ضروريات الحياة اليومية ، واهتمام المرء المسلم بسلامة بدنه وعافيته يجعله يتطلع إلى معرفة الضوابط الشرعية في سلوكه الفردي وقيمه الاجتماعية، ومن اهتمامات البحث العلمي في القرن المنصرم ، وحتى يومنا هذا ظاهرة التدخين، فقد كانت أكثر الممارسات الاجتماعية إثارة للاهتمام، لانعكاساتها الصحية والاجتماعية و البيئية، لذا لا غرو أن ينصب جهد العلماء والأطباء على دراستها والوقوف على أبعادها ، وفعلا تم ذلك ، فقد أجمع العلماء و الأطباء في عموم العالم بلا استثناء، بممارستهم الموصولة و تجربتهم المستديمة و عبر نتائج البحث العلمي، على أن التدخين ” ضرر كله على جسم الإنسان، ولا يحتوي على أي منفعة تعود على البدن في اي حال من أحواله، وأنه سبب مباشر لكثير من العاهات والتشويهات الخلقية، فضلا عن مسؤوليته التامة عن الكثير من الأمراض الفتاكة والقاتلة للإنسان، على مستوى وظائف الجسم و أجهزة البدن كما نسمع و نشاهد في ضحايا أمراض الفم والحنجرة وأجهزة التنفس، والقلب و الشرايين والأوعية والجهاز الهضمي و البصر والمسالك البولية إلى غير ذلك مما لا حصر له ولا يخالف فيه طبيب طبيبا، بغض النظر عن الانتماء والدين والعقيدة والجهة و البلد، حتى أن الطبيب المدخن معترف بضرر التدخين، و مقر بسلوكه الشاذ في تعاطيه، وربما يسعى ويتمنى التخلص منه لضرره البين.
لهذا السبب كانت مجهودات المنظمة العالمية للصحة – المرجع الصحي المعتمد عالميا، والمشرع الطبي الوحيد دوليا – تنصب على مكافحة التدخين، ولا غرو أن تصرف جهدها الجهيد في حملات وبرامج متواصلة لا تنقطع، ومن بلد لبلد لنشر الوعي الصحي المكافح للتدخين و المعرف بأضراره ومخاطره.
وثبوت الضرر الفادح عند الأطباء في استخدام التدخين، وبحسب ما تناهي إليهم حتى الآن من معارف طيبة عن هذا الوباء الذي اجتاح العالم ، يجعل الشارع يتدخل بعد توقف، إسهاما مخلصا لحفظ الإنسان وبدنه.
وهكذا يجد الشارع حوافز للا قدام على إصدار الحكم الشرعي بعد أن تغلب على دواعي التردد و الاحجام حين تكامل التصور و ثبت الضرر التام والفادح لكن الحديث عن ضرر التدخين، وقبل افراده بالحكم عليه يقودنا إلى التوقف عند ما يثار حول ما يسمي بضرر السكريات والدهنيات ودور بعض الأغذية الأخرى في أمراض الجهاز الهضمي، وأمراض القلب و الشرايين خاصة وصحة الإنسان عامة، وقياس المرء- في تساهل في المآخذ الاختلالات التي تنشأ عنها أحيانا، على ضرر التدخين
من هنا نذكر أن المواد الغذائية تنقسم الي :
– مواد ” كربو هيدراتية”
وتضم السكريات والنشويات وهي الموجودة في الارز والقمح والحبوب والبطاطس، ووجودها يوفر للجسم وقوده المنشط له والذي به ينتج الحرارة والطاقة اللازمتين له
وبفعل عملية الهضم تتحول المواد ” الكربوهيدراتية ” إلى سكر ” الگلكوز ” وهو الموجود على مستوى الدم، وهو وقوده. ويقوم البدن اما باستخدامه عبر حرقه أو بادخاره ليستغله عند الحاجة له. و سكر الگلكوز هذا، ” السكر”، ضرورى للبدن ولا يمكن الاستغناء عنه، عموما ، فانخفاضه لا يقل خطورة عن ارتفاعه، بل يخشى أن يعرض الجسم إلى ازمة تبدأ بالدوخة والوهن و تنتهي بالإغماء وتهديد الحياة ان لم يتم التعويض السريع باستعمال السكر، وأحيانا ينجر عن أزمة نقص السكر اختلالات تؤدي إلى إعاقات عصبية وحركية، خاصة لدى الأطفال والمسنين ومرضى داء السكر.
ويتوهم البعض أن استعمال السكر هو سبب الإصابة بداء السكري وهو رأى شائع، لا يرتكز على أية براهين علمية
فداء السكري مرض يتصف بارتفاع شاذ في تركيز سكر الدم، سببه :”عوز هرمون الأنسولين ” اي عدم إنتاج ” خلايا ” بيتا ” في” البنكرياس” ” لهرمون الأنسولين”، وبالتالي يرتفع السكر ونتيجة الإصابة بالسكري لايتحول السكر في البدن السقيم إلى طاقة كما يقع للصحيح، بل يؤدي استعماله إلى توفر كميات زائدة من السكر في الدم، في حين تبقى خلايا الجسم مفتقرة للطاقة متعطشة إليها، وهكذا يكون السكر عند المرء الصحيح طاقة هامة و لازمة له، وعند المريض السكري تراكمات زائدة ضارة أحيانا حسب السكري ونمطه ووضعه الخاص وحالته الصحية العامة. ومع ذلك مريض السكري يحتاج إلى قدر من المواد الكربوهيدراتية بحدود لتوازن السكر، بل يضطر أحيانا لأسباب طبية مدونة ومعروفة إلى استعمال” الگلكوز ” اي السكر مباشرة عن طريق الفم أو الوريد
والممارسات الطبية الميدانية تفيد بأن عموم المرضى المحجوزين في المستشفيات، والعيادات ، في الغالب الأعم، لابد لهم في مقامه ذاك من حقن السكر ” لگلكوز ” ،بل إن المصاب بغيبوبة السكر وهي أعظم حالات داء السكري حرجا ، لابد له من الگلكوز المركز عبر الوريد عند ما يشرع مستوى السكر في الاعتدال، ضمن العلاج.
مواد بروتينية
وتوجد في اللحوم والألبان والجبن و البيض والبقول ودورها أساسي في بناء العناصر الأساسية في الجسم وترميم الأنسجة و الأعضاء و العضلات.
مواد دهنية
تشمل ” الدهون ” الزيوت النباتية والحيوانية
وتصنف الدهون على أنها أكثر المواد الغذائية امدادا للطاقة البدنية قبل البروتينات والكربوهيدرات( اي السكريات )، ولها أهمية بالغة في حماية أنسجة الجسم وخلاياه وتقوية مناعته وكذلك في حفظ الحياة وتحقيق الصحة الجيدة . فهي عنصر هام لتوليد طاقة البدن مباشرة ليوظفها في الحال ، أو غير مباشرة باختزانه لها ليستخدمها عند الحاجة فيما بعد.
وللدهون حد يتطلبه الجسم، يصعب تحديده لارتباطه بنظام حياة الإنسان ومجهوده الحركي، بيد أنه إذا زاد وتجاوز مستواه المطلوب ، بدل أن يحترق و يتضاءل حجمه ، يمكن أن يتراكم في أنحاء مختلفة من الجسم كالانسجة الشحمية و بطانات الأوعية الدموية، وحينئذ – قد – يتعرض البدن للأذى و الضرر بسبب الإستعمال المفرط لها والمصاحب في أغلب الأحوال للإستكانة، واعتزال الجهد البدني و الحركي.
ومع كل هذه التوضيحات لانود نفي أو نكران ما للطعام من دور ومسؤولية في بعض الاختلالات الصحية.
فهناك استعمال السكر وتجاوزات الحمية عند مرضى السكري، وهنالك الإكثار من استعمال المواد الدهنية و من ملح الطعام في الغذاء اليومي لدى مرضى القلب والشرايين، وهناك القهوة والشاي والاحماض والمنبهات والمواد الحارة والعناصر المصلحة للطبخ وعلاقتها بالحرقة المعدية وباضطراب نبضات القلب، وهناك مادة ”الگليتن Gluten ” الموجودة في القمح والبر والشعير وتأثيرها على زغاب الأمعاء وضمورها وما يتبعها من سوء الإمتصاص عند صنف من الناس، مما يحرمهم من استعمال هذه الحبوب، وهناك الحليب و ارتباطه بنفخة البطن عند غالبية السكان، و هناك اللحوم والألبان وتأثيرها على المصابين بالفشل الكلوي، إلى غير ذلك مما لو أردنا الإحاطة به لطال العد.
لكن رغم هذا كله فلا أحد يقول بالحجر الطبي التام على هؤلاء، وان كان يلزم رأى الرشد والوقاية بأخذ الحيطة والحذر والوقوف عند أمر الطبيب ونصحه.
والوقوف عند هذه التوضيحات وإثارة نماذج من هذه الأمثلة، هي ثمار السهد – في موقع المنظمة العالمية للصحة، وفي أضخم دائرة للمعارف العلمية و الانسانية ” گوگل”عبر الشبكة العالمية، فما دونها – سقناها هنا نبتغي بها الخروج من ثقافة تتداولها العامة دون تثبت أو تمحيص للخروج بحكم – له القول الفصل في ممارسة تؤذي العصر و تؤدي ببنيه – بعد أن تأني العلماء في إصداره ردحا مديا، حتى لايكون صادرا عن تصورات فجة أو استنباطات خفيفة المطلب، رغم اطمئنانهم بالعلم المجرد من الأهواء