أدبيات من نسيب نجد / ذ. السيد أحمدو الطلبة
خذا من صبا نجد أمانا لقلبه!
فقد كاد رياها يطير بلبه
وإياكما ذاك النسيم، فإنه
متى هب كان الوجد أيسر خطبه!
تلاعبت نسائم نجد كثيرا بقلوب الرجال وفعلت بها الأفاعيل …
عندما ودع الصمة القشيري نجدا تواطأت مقلتاه على بث المكتوم من مواجد قلبه، فانهار معترفا بما حدثت به العبرة المسجومة:
قفا ودعا نجدا، ومن حل بالحمى
وقل لنجد عندنا أن يودعا .
ولما رأيت البشر أعرض دوننا
وحالت بنات الشوق يحنن نزعا
بكت عيني اليسرى، فلما زجرتها
عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
وعندما تذكر الحمى وهو في مواطن النوى أشفق على كبده من التصدع:
وأذكر أيام الحمى، ثم أنثني
على كبدي من خشية أن تصدعا .
وشام لسان الدين ابن الخطيب برق نجد من الأندلس فتداعت شؤون الشجن إلى قلبه من كل صوب وحدب ..
تألق نجديا، فأذكرني نجدا
وأغرى بي الشوق المبرح والوجدا .
ووقعت نفحات أرواحها بردا على كبده الحرى:
سقى الله نجدا، ما نفحت بذكرها
على كبدي إلا وجدت لها بردا .
وتزود أحدهم من ريا عرارها لأيام من البعد عصيبة:
أقول لصاحبي والعيس تخدي
بنا بين المنيفة والضمار .
تمتع من شميم عرار نجد
فما بعد العشية من عرار .
وتلهف شوقا إلى أنفاس نسائمها، وقد جادها الحيا و امتدت في أوديتها مضارب الحي:
ألا ياحبذا نفحات نجد
وريا روضه بعد القطار .
وأهلك إذ يحل الحي نجدا
وأنت على زمانك غير زار .
وتنسم صباها ساريا فأيقظ الذكر النائمة وأسهر العيون وأوهن الجلد:
ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد
لقد زادني مسراك وجدا على وجد!
أأن هتفت ورقاء في رونق الضحى
على فنن غض النبات من الرند
بكيت كما يبكي الوليد، ولم تكن
جليدا وأبديت الذي لم تكن تبدي ?
وحن الشريف الرضي إلى نجد و”قاعة وعسائها” وسمار أحيائها، فاستخبر أخبارها وبكى وأبكى:
يا صاحبي قفا لي، واقضيا وطري
وخبراني عن نجد بأخبار .
هل روضت قاعة الوعساء ? أم مطرت
خميلة الطلح ذات البان والغار ?
وهل أبيت ودار عند كاظمة
داري، وسمار ذاك الحي سماري ?
ووجد ريحها من أردان القادمين منها فتعلل واشتفى:
تضوع أرواح نجد من ثيابهم
عند القدوم لقرب العهد بالدار .
حديث نجد والحمى من أحاديث السمر والصفاء والكاس، أدبرت أيامه وقل أهله وطوي بساطه …. (لولا فتية في ذي المجاز)
ما في الديار أخو وجد أطارحه / حديث نجد، ولا خل أصافيه …
