د. الشيخ الطلبه

صديقنا الظريف / د. الشيخ الطلبة

كان فتى لبقا بسيطا فيه دعابة ودود محبب يألف ويؤلف، لا تكاد تجالسه حتى تبدأ الابتسامة ترتسم على شفتيك مهما كان مزاجك عكرا، عرفته نوادي الطلاب ومجالسهم في مدينة فاس المحروسة قبل زهاء نصف عقد من الآن، درس الأدب الانجليزي في كلية الآداب بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، كان كثير النسيان شديد الذهول وغالبا ما يتذكر الأمور الهامة في الوقت الضائع، لا يتكلم صديقنا في الجامعة إلا باللغة الانجليزية التي يدرسها ويجيدها فلا يهمنك أن تعرف سبيلا للتواصل معه في الحرم الجامعي ما لم يكن لك من لغة الإنجليز نصيب، أما حين يغادر الحرم الجامعي فلا يتكلم سوى اللهجة الحسانية العتيقة، حتى زملاؤه المغاربة لا يسمعون منه كلمة واحدة بالدراجة المغربية، أما صاحب الحانوت المجاور لمسكنه فتعود على عباراته الحسانية من قبيل ( أعطيني امبوراية وبكط من الوركة ووحدة من جمبو واطلص راصك ) فلا يوجد في قاموس صاحبنا سوى اللغة الانجليزية المتقنة أو اللهجة الحسانية الحصيفة، يقرض الشعر الحساني (لغن ) ويطرب بانشاده وإنشائه.
ذات مساء دق علي باب غرفتي وبدا لي أنه واجم، سألته عن السر وراء هذه الزيارة الكريمة المفاجئة، فأخبرني أنني مدعو من طرفه على ما لذ وطاب من الأكل الفاسي الشهي رحبت بالفكرة وفي نفسي شيء منها، نزلنا إلى المدينة وأخذنا مقعدينا على طاولة أحد المطاعم الراقية، طلب صديقي صنوفا من الأكل الشهي والمشروبات الطازجة والعصائر كان ما طلبه يكفي جماعة كبيرة، ثم خرج ليأخذ رصيدا لهاتفه، وحين أخذ الرصيد اتصل بصديق له في الرباط فأخبره زميله أن منح الطلاب بدأ تسليمها في السفارة، فاوقف سيارة أجرة متجها إلى محطة القطار في فاس وسافر في أمان الله إلى الرباط، نسي وجودي تماما، ولأنني أعرف شرود ذهن صديقي اتصلت به حين استبطأته فتح الخط وقال (ياااااا ويلك انسيتك أنا واعد الرباط مري يذيك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق