في رثاء الإمامين محمد سعيد ولد الطلبة والمصطفى ولد الهادي / محمد ولد بتار الطلبة
مضى “سعيد”ٌ ومضى “المصطفى”
إمامنا المرضيُّ واستخلفا
فالمسجد المعمور يبكي على
رسم من الحق به قد عفا
يطارح المنبرَ شجوا به
والصفَّ والمحرابَ والمصحفا
وروضةَ “الحزبِ” التي أوحشت
بعدهما وأصبحت صفصفا
وحيُّنا يندبُ للمعتفي
أهلَ المودة به والصفا
كم أرشدا كبارَنا للهدى
وعلَّما صغارنا الأحرفا
وكم ألفنا الصدق إن حدّثا
والبرَّ حيث اؤتمنا والوفا
وانفضّ جمعٌ راويا عنهما
أوحامدا رأيهما المُحْصَفا
هذا قضاء الله وهْو الرضا
والدهرُ ما جار وما أنصفا
أكرمَ ربُّ العرش مثواهما
في جنة الخلد التي عَرّفا
وطاب فيها لهما أجرُ ما
من صالح الأعمال قد أسلفا
والخَلَف الباقي على إثرهم
يُثمِّر التالد والمُطرَفا
مستمسكا بسنة أسندت
لكابر عن كابر مُقتفى
ولا أحال الله أيامهم
إلا بما أسعد أو أسعفا
ودامت النعمى على قُطرنا
سابغة بعبده المصطفى
صلى وسلم عليه الذي
أولاه من إكرامه الرفرفا
ما قرأ السلام عبدٌ له
على عباده الذين اصطفى
متعلقات :
أهل القرآن ..
انظروا الى هذين الرجلين.
وجوه نيرة وقلوب صافية واشتغال بما يرضي الله.
لقد رحلا عن دنيا أكثر ما جمعهما فيها هو تعمير بيوت الله ليجمعها الله في الفردوس الأعلى من الجنة بإذنه تعالى ..
قبل أيام رحل والدنا الداه (محمد سعيد) الطلبة وكان إمامنا باباه هو أول من رفع الغطاء عن وجهه وقبله في جبينه ليلحق به بعد أيام قليلة..
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا إمامنا وشيخنا ووالدنا لمحزونون ، هي الدنيا ليست دار قرار وخير من يغادرها الأخيار الأبرار نحسبك كذلك ولا نزكي على الله أحدا .. اقترن إسمك بشيئين يحبهما الله وَرَسُولِهِ القرآن والمسجد فهنيئا لك بهما .. عرفتك وأنا صغيرة حيث درستني القرآن الكريم كنت بالنسبة لي كبيرا مهابا وكلما كبرت كانت مكانتك في قلبي تكبر وتكبر وكنت أعرف قيمتك أكثر .. رغم قلة لقاءاتي بك وأنت المدبر عن دنيانا المقبل على ربك إلا أنها كانت لقاءات نبعث الفرح والسرور في قلبي كنت أرى هالة من النور والعظمة تحيط بك رغم شدة الخضوع والتواضع لله عز وجل .. كان آخر لقاء لي بك قبل أكثر من شهرين غمرتني بلطفك وأخجلتني بتواضعك ..كنت سعيدة جدا بهذا اللقاء لكني لم أكن أعرف أنه سيكون الأخير ..
اللهم ارحمه واغفر له وتجاوز عنه وجازه عنا وعن المسلمين بأحسن الجزاء وارحمنا إذا صرنا إلى ماصار إليه ..
خديجة
بسم الله..في السباق إلى الله ..
هل كانت الصورة اعتباطية.. إمامان ومربيان .. يسيران في مضمار واحد .. احمدهما يخطو متقدما قليلا “الداه” .. والآخر “باباه” يتلهف للمسير وهو يوشك ان يلحق به هنا يسبقه ظله سافرت روح الرجل قبل سنوات حين اخذ القرءان الكريم رفيقا … يرطب فمه بذكره ويعيش قدستيه و يتعلم رسمه وتجويده .. غادرا معا وتركا فراغا في المساحة تركا صمتا في المحراب ووجوما بين العتبات ..
يتملكني هوس دائما ..لتحليل الصور والكتابة عنها .. ثم تستدر ذاكرتي مشاهد ومواقف “حفلا” في أماكن أخرى من حياة جمعت شيخين ترتج اليوم جدران المسجد العتيق في برينة لفقدهما في تدبير يكاد يجملهما في موسم عزاء صعب على قرية أسست على التقوى
رحل الداه فافتقدت باحات العتيق دروس النصح والتوجيه والغيرة على كمالية الصلاة وجماليتها وافتقر التلاميذ والطلاب الى ارشادات المربي الحنون الذي يحرص على تمثل النشء لقانون السلف الصالح
، ثم يرحل باباه على بعد فراسخ فقط ..فتزداد عتمة الفجر الموالي .. غاب الصوت المدوي في خفوته ..المجلجل في قنوته ، الملتصق بالروح كجزء من تعاويذ الصباح او كخبر سار تستقبله بيوتات البلدة الوديعة كل يوم… انظر الي الصفوف الأمامية في العتيق … الحمد لله على التفاوت … هنا كان الداه يستلم الكلم .. ينثر عبقه بين المصلين وهناك يعتلي باباه المنبر فينحني تواضعا وعلما ويتحرك المسجد بما فيه فالناس تعودوا على نقاش القضايا المرتبطة بالصلاة مبنى ومعنى … يدور جدال لذيذ فيه عتب جميل … وفيه سباق الى الله وهو بيت القصيد
وداعا “سيدي” … نعم معلمي باباه تعلمنا ونحن في قاعات الدرس ان نرفع اصواتنا بها فتضج القاعة بها فتقترب منا لتدللنا.. لتمنحنا حضن الاب لا زفرة المعلم وبعد ان شبينا عن الطوق كنا نحس بها حتى عندما كنا نتلقى في مواقف اخرى …ففي كل مصلحة عامة للناس كان لك قدم راسخة وصدارة في المضمار
كرس الامام باباه ولد الهادي رحمه الله حياته منمكا في التحصيل المعرفي والبحث العلمي ، فنزود من صنوف الكتب فنونا ومعارف ، درس التجويد ، حتى كتب مؤلفا فاق بن عبد البرفي تجويد القرءان
ثم توجه صوب الفقة واللغة والاصول والنحو وغيرها من العلوم حتى صار موردا للارتواء منها … يفد اليه الباحثون عن اجوبة وفتاوى شافية
غداة رحيله قالت لي شقيقتي انها رات في السماء نجما ساطعا وهوى .. وقد قيل لها ان ذلك يعني عندم فيما تواتر من رويات واثر ان عالما كبيرا … سيودع .. في الصباح رحل باباه .. ثم تساقطت قطرات المطر كانما تدمع حزنا
رحم الله معلمي باباه ولد الهادي واسكنه فسيح جنانه ورحم الله الشيخ الداه ولد الطلبة واغدق عليهما شابيب رحمته والطف اللهم بهذه القرية واهلها بعدهم … وبارك في خلفهم
سعيد حبيب