نداء حق النبوءة / قصيدة رائعة للشاعر محمد بن بتار بن الطلبة
أحِين عفا رسمَ الوجودِ عَماءُ*** تُقِلُّك أرض أو تُظِل سماء؟!
أيحلو وقد مدَّ الجفاءُ رِواقَه*** على الأرض عيشٌ أو يطيبُ صفاء
إلى شَرَف الكونين تنبَح حولنا ***كلابُ الأعادي إن ذا لبلاءُ
إذا لم تُصِب معنى الحياة عقولُنا*** فما لحروف الكائناتِ بقاءُ
مُنادي حقوقِ الناس ضَجَّ به الفضا*** أما لحقوق الأنبياء نداء؟!
وهم من بني الإنسان صَفْوة ربهم*** وهم عنده الأخيار والأمناء
أليسوا أحق الخلق أن تُقْتَضَى لهم*** حقوقٌ إذا للحق كان قضاء؟!
بلى صرَّحتْ جَدَّاءَ لا ريبَ عندها*** ليبرحَ من كَيْدِ العدو خفاء
أيا رحمةً للعالمين ونعمة **** أُعِدَّ لها الأبرارُ والسعداء
حنانَك يا ذا العطف أَسْعِفْ بلَفْتَةٍ*** ليُنْعَشَ من هذا الوجود ذَماء
فأنت مَلاذُ الخلق ما خاب من له***إليك –وإن مُدَّ الرجاء- لَجاء
وأنت النبي الهاشمي الذي أتت *** به أمما من قبلنا البُشَراء
ومِنْ أنبياء الله من عهد آدم*** لِعهدِك مَغْبوطٌ بك الحُنفاء
تَلَقَّتْك أنداء السماء بمرحب*** وقُدِّمتَ والروحُ الأمينُ وراءُ
لك المعجزاتُ الباهرات التي عنا*** لها حكماء الأرض والبلغاء
ونُطْقُك نور يُجتَنى دُرُّ نظمه*** وصَمْتُك حسنٌ يُجْتَلى وبهاء
وفِعْلُك والتقريرُ والترك طاعة*** لِباغي الهدى فيها سنا وسناء
وسِيرتُك الغراء أحسنُ إسوةٍ*** وحُفَّاظُها للمؤتسين إِساء
إذا عَدِم المحرومُ بَرْدَ نسيمها*** فليس لأدواء الشقاء دواء
خُلقتَ كما شاء المُصَوِّرُ بهجةً*** وحُسْنُك من غير الكمال براء
وما عابَ من خَلْقٍ-على ما تقوّلوا- ***ولا خُلُقٍ أعداؤك الشعراء
وعند هِرَقْلٍ وَدَّ صَخْرٌ لو اهتدى*** لذَم ولكنْ للمقام إباء
وصحبك في سُبْل الهداية أنجم*** بجِذوةِ نور من هداك وِضاء
على كل إلف آثروك وهاجروا*** وأنت لهم من كل ذاك عزاء
يقولون “نحري دون نحرك”في الوغى*** وآباؤهم والأمهات فداء
وأنصار دين الله أبناء قَيْلَةٍ *** جنودك والآوُونَ والنقباء
بمحياهم ازدانوا وطاب مماتهم*** وبالنعمة الكبرى لربك باؤا
وجدت شعوب الأرض في جاهلية*** يُدبِّر فيهم أمرها الجهلاء
مِنَ الظُّلم عاداتٌ لهم مستباحة*** عُروضٌ وأعراضٌ بها ودماء
وقافلةُ الأحرار تغدو فتنثني*** رواحا ومنها أعبد وإماء
فأخرجتهم منها لبيضاء سمحة*** يُسَوِّي بها بين العباد سواء
بها العهد يرعى و الحقوق مصونة*** وأحرفُ أقلامِ القضاء رِواء
بِرحمتك الأعداءُ يَدعُون خِيفةً*** فترحم إذ لا يَرحمُ الرحماء
دعوتَ إلى الإسلام سِلْما فحاربوا*** وأحسنتَ في نُصْح لهم وأساؤا
ولو دخلوه وافرين أعَزَّهم*** ولكن عَدَتْهم عُدَّةٌ وعَداء
لك السِّحْرُ منهم والخيانة والأذى*** ومنك احتمالٌ للأذى ووفاء
فلما أبوا إلا جِماحا رددتهم*** بأركان عدل ما لهن كِفاء
فهذا قتيلٌ أوْبَقَتْه ذنوبه*** وذلك مكتوبٌ عليه جَلاء
وما لك من مَنٍّ عليهم ونِقمةٍ*** فلله فيه حكمةٌ وقضاء
وأوجَفْتَ خيلَ الله جُردا بأمره*** لِيُسْمِع صُمَّا من قناك دُعاء
لها أُحُدٌ مَجْرى وبدرٌ مَجالُها*** وموعدُها بالأبطحين كَداء
وآلُك في الهيجاء هم عُرضة اللقا*** وأنت من البأس الملِمِّ وِقاء
وأُبْتَ إياب الغانمين لطيبة*** عليك من الفتح المبين لواء
لك الله والدين الذي بك نصره*** وللقوم منها ثَروة وسِباء
فجاؤوك أفواجا إلى الله سعيهم*** وكلٌّ له فيما لديك رجاء
عليك صلاة الله يا أشرف الورى*** وتسليمه ما جَدَّ منك جَداء