د. الشيخ الطلبه

رسالة إلى ابن مدينة “الزاوية” زميلي: صلاح علي الشعاب

صديقي وزميلي صلاح علي الشعاب

أين أنت …..لا هاتفك يرن ولا أحد يطمئنني عليك… وحدها العلبة الصوتية هي التي تخبر عنك بغير الخبر اليقين….

 

طالما حدثتني عن مدينتك “الزاوية” في الغرب الليبي فأصغيت لك بتلهف؛ كنت تحدثني عن كل مدينة من “ليبيا” على حدة… عن مصراته…عن ترهونة… عن بنغازي … عن اجدابية… ولكن حديثك عن مسقط رأسك “الزاوية” كانت له نكهته الخاصة.

عزيزي صلاح علي الشعاب لا أخفيك سرا أنني بدأت أستحضر كل كلمة كنت تقولها لي وأقدرها حق قدرها، وبدأت أشعر أن كل ما يقال في الإعلام عن ليبيا هذه الأيام وعن بسالة أبنائها وشهامتهم ما هو إلا تكرار لما قلته لي بشهادة شاهد أمين من أهلها.

بدأت أدرك مسوغ  تعجبي من طبيعة غرفتك التي كانت بجانب غرفتي أيام كنا نحضر الماستر في جامعة القرويين بفاس…عجيبة وعجيب ما فيها….غرفة متواضعة ولكنها بمثابة متحف صغير… كل ما فيها مجلوب من هناك من “مدينة الزاوية” …. حتى الزيت ….

من يزورك في غرفتك يشعر كأنه زار “ليبيا” وكأنه يجالس أهل “الزاوية” في بيوتهم.

كنت متمسكا بانتمائك وهويتك، وكنت مثاليا بما فيه الكفايةحدثتني في تلك الغرفة المتميزة عن كل ما يتعلق بـ “ليبيا” حتى عن الكتاب الأخضر الذي لم تكن تقيم له وزنا..سألت عنك….. وتساءلت……لم أجد من يخبرني عنك ….

لكن هاهي قناة الجزيرة تتحدث عن قصف عنيف على مدينة “الزاوية” وعن مقاومة شرسة من أبنائها الثوار، وأرى شبابا يسقط وشيبا وأطفالا يودعون الدنيا، وأرى بالمقابل نشوة النصر في عيون الثوار وليس لدي أدنى شك بأنك في الميدان… لذلك أنحني لك بإكبار وتقدير…

الزاوية التي حدثتني عنها أصبحت الزاوية الثائرة الثخينة بجراحها وآلامها، وقد برهنت للعالم أنها مدينة بحجم أمة.

تحتاج “الزاوية” اليوم للدواء والغذاء، والوضع الإنساني بها سيء للغاية، وحتى حليب الأطفال لم يعد متوفرا، مع قطع الاتصالات….  لكن في فضاء الزاوية الفسيح يمتزج دخان القصف بأريج الحرية الذي سيطغى ولو بعد حين.

هل ستعود إلينا يا صلاح؟ هل ستعود؟

نعم ستعود… وستأتي معك بعَلَم ليبيا الجديد علم التحرر ذي الألوان الثلاثة والهلال … نعم سأجلس وإياك في الغرفة ذاتها سأكرم حديثك بأذن واعية …

ستزدان غرفتك الصغيرة بصبغة الثورة التحررية، وستحمل إليها ما ينبئ عن تلك الملحمة العظيمة.ستعود لتناقش أطروحة الدكتوراه التي تحضرها وستشهد مناقشة أطروحتي بعد شهور… هكذا أتمنى وأسأل الله..سأبقى أدمن الاتصال كل يوم لعل هاتفك يرن …. لعل وعسى … ولأنك كبير فسيكون قدرك كبيرا وستكون…. وستبقى الزاوية العظيمة منبت العظماء والثوار…

فهل ستعود؟؟؟؟؟هل ستعود؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق