الرجل الأمة .. ذكرى الرحيل / د. الشيخ الطلبة
ذات أصيل يوم من أيام الله وأنا في العاصمة المغربية الرباط رن هاتفي ولم يكن المتصل سوى أحد أصدقائي الموجودين ضمن وفد يرافق أحد المشائخ في (فندق حسان) لحضور نشاطات (الدروس الحسنية) التي ينظمها القصر الملكي تحت الرعاية الملكية للعاهل المغربي محمد السادس
بعد التحية وردها بأحسن منها أخبرني صديقي بأن من ضمن الوفود القادمة من الوطن أحد العلماء الأعلام الأكابر؛ أحدهم بعينه.
خرجت من المنزل متجها صوب منطقة حسان في قلب العاصمة ومنها إلى (فندق حسان) وحين دخلت فناء الفندق عرفت رؤوس الوفود من خلال مرافقيهم، قرأت الوجوه لكنني لم أستبن من بين الأسماء ما طابق المسمى الذي قصدت وصفا واسما
عمدت إلى جناح الاستقبال واستفسرت عن منزل الشيخ الخليفة والدنا أحمدو ولد لمرابط ولد الطلبه، تم إرشادي للغرفة فعلوت في المصعد وصولا لباب الغرفة، وتزاحمت في الذهن أسئلة ملحة
أسبوعان قضيتهما وأنا أتردد على فندق حسان لمجالسة الخليفة أحمدو، كان حديثه يدور في أغلبه حول تنمية وتطوير الذات، حثني على اكتساب الخبرات والمعارف وحدثني في ما يهمني ويصلح شأني نصحا وتوجيها
الخليفة أحمدو رجل اجتمع فيه ما تفرق في غيره علما وفضلا وحكمة، متواضع عن رفعة وعلو شأن، يدني الشباب لمجلسه ويخاطبهم بكرم لا نظير له
لا تعرف الأبهة لمجلسه طريقا، ولا يخدمه الناس، وفي حديثه أريحية تأخذ بمجامع القلوب، وقد حدثني حديثا عجبا، وعلمني أشياء ما كان لي أن أفقهها لولاه
كانت لدى الخليفة أحمدو رؤية عميقة اكتسبها من تجاربه المميزة والمراكز القيادية التي تبوأها على مختلف المستويات، حين قاد دبلوماسية الوطن في بلاد الرافدين وغيرها، واستثمر لب الحضارة راميا بقشورها عرض الحائط
كان الخليفة أحمدو رجلا حكيما مخططا، رسم للشباب مسارا متضح المعالم والأهداف ووجه كلا منهم لما يناسبه من تخصص، مع تقريبهم واعتبارهم، فصنع أطرا نخبويين وجيلا متسلحا بالعلوم والمعارف
عاش الخليفة أحمدو رحمه الله كريم النفس طيب القلب مهيبا محببا، منشغلا بما يعنيه، ساعيا في مصالح العباد والبلاد
رحم الله والدنا الأجل الخليفة أحمدو ولد لمرابط الطلبه وغمر ضريحه بصيب من وابل الرحمات
الشيخ الطلبه