ديون العشاق / ذ. السيد أحمدو الطلبة
قصة الدين في أهازيج المحبين معرقة في القدم … لعل من أقدمها ديون كثير التي مطلته بها عزة :
قضى كل ذي دين، فوفى غريمه
وعزة ممطول معنى غريمها .
يحكى أن كثير كان له غلام يبعثه بالطيب يبيعه للنساء وينسؤهن بالثمن فيقضينه بعد حين، وذات مرة مطلت إحداهن الغلام بالثمن ولم يعرفها لأنها كانت ذات برقع فأنشد:
قضى كل ذي دين ….
فقالت له امرأة هل تعرف التي مطلتك ? فقال: لا، فقالت: هي عزة .. فأسقط عنها الدين ولما أخبر كثير بذلك أعتقه ..
كما يحكى أن أم البنين زوجة الوليد ابن عبد الملك سألت عزة عن دين كثير، فقالت: قبلة كنت وعدته بها وتحرجت، فقالت لها: أنجزيها له وإثمها علي ..
وقد ندمت أم البنين بعد ذلك وأعتقت رقابا وتصدقت خوفا من هذه الفتوى ..
وديون ذي الرمة على مية:
تطيلين لياني، وأنت ملية
وأحسن ياذات الوشاح التقاضيا
وأنت غريم لا أظن قضاءه
ولا العنزي القارظ الدهر جائيا
ومنها ديون علوة التي مطلت بها البحتري، فخلدها بأسلوبه الأخاذ بمجامع القلوب :
هل دين علوة يستطاع فيقتضى
أو ظلم علوة يستفيق فيقصر .
وما ديون المحبين إلا عدات لم ينجزها الواعد، ولئن شكاها بعضهم فقد تمناها بعضهم:
رقي بعمركم لا تهجرينا
ومنينا المنى ثم امطلينا
عدينا مرة في الدهر إنا
نحب _وإن مطلنا_ الواعدينا
فإما تنجزي عدة، وإما
نعش مما نؤمل منك حينا .
ومن أرق وأحلى أساليب اقتضاء هذه الديون في العصور الأخيرة ما ورد في أبيات بلغت من الرقة والعذوبة ما بلغ قائلها من الجلالة:
يا مي هل تذكرين العهد من ولقا
وما لنا من تدان عنده ولقا ?
وهل سلوت خليلا ما سلاك ? وهل
تقضين دين غريم مر منطلقا ?
من بابه قد رزقت اليوم صالحة
والمرء يلزم بابا منه قد رزقا .