الأستاذ السيد أحمدو الطلبةصباحيات ذي المجازصباحيات ذي المجاز - صباحيات الخميس

الأَيْمان / ذ. السيد أحمدو الطلبة

أيمان العاشقين لم يُعرّج عليها الفقهاء في أحكام اليمين التي اتَّسَمت بالتعقيد وشغلت حيزا كبيرا من علم الفقه ..

قالت: وحق أبي وحرمة والدي ….. لأنبهنَّ الحي إن لم تخرُجِ !

فخرجتُ خيفةَ قولها، فتبسّمَتْ ….. فعلمتُ أن يمينها لم تَحْرجِ ..

 

ما رأي الفقهاء في هذا الضرب من الأَيمان ؟

 

من أغلظ تلك الأيمان يمين كثيّر التي أراد منها أن لا يبقى شاك في حبه لعَزّة:

فلا يحسب الواشون أن صبابتي / بعزة كانت غمرة فتجَلَّتِ .

فو الله ثم الله ما حل قبلها / ولا بعدها من خُلّة حيث حَلَّتِ .

وما مر مِن يوم عليّ كيومها / وإن عظمت أيامُ أخرى وجَلَّتِ .

 

ومنها يمين عروة ابن حزام التي أراد منها أن يُبعِد عن نفسه تُهمة إفشاء السر:

فوالله ما حدثتُ سركِ صاحبا / نصيحا، ولا فاهت به الشفتان .

 

ويمين عمر ابن أبي ربيعة التي ساقها لإثبات عدم خشوعه في المناسك بسبب مخالسته لنظرات غير مشروعة، وقد صُدِّق بدون يمين:

فوالله ما أدري، وإن كنت داريا / بسبع رمينا الجمر أم بثمان !

 

ومن رقيق تلك الأيمان “الغليظة” قول أحد الأعراب:

أما والذي حج الملبّون بيته / وعظّمَ أيام الذبائح والنحر .

لقد زادني للجفر حبا وأهله / ليال أقامتهن ليلى على الجفر .

 

وقول أحدهم:

أما والله ثم الله حقا / يمينَ البر أُتبِعُها يمينا .

لقد حَلّتْ أميمةُ من فؤادي / تلاعا ما أُبِحن ولا رُعينا .

 

وحَلَف البحتري بهوى محبوبته :

أما وهواكِ حلفة ذي اجتهاد / يَعُدُّ الغيَّ فيكِ من الرشاد .

لقد أذكى فراقُكِ نار وجدي / وألَّف بين عيني والسهاد .

 

ومن غريب تلك الأيمان الحَلِف بالمطايا، والحَلِف بها عادة لا يخلو من رقة، ومنه:

أما والراقصات بذات عرق / ومن صلى بنعمان الأراك .

لقد أضمرتُ حبك في فؤادي / وما أضمرت حبا من سواك .

أطعتِ الآمريكِ بصرم حبلي / مريهم في أحبتهم بذاكِ .

فإن هم طاوعوكِ فطاوعيهم / وإن عاصوكِ فاعصي مَن عصاكِ ….

 

ومنه:

يقولون من هذا الغريب بأرضنا / أما والهدايا إنني لغريب !

غريب دعاه الشوق واقتاده الهوى / كما قيد عَوْدٌ بالزمام أديبُ

 

وأسلوب اليمين منتشر في شعر الشناقطة،  من رقيقه ما ورد في يوم ابن السالم الحسني الذي كان له ما بعده، رغم أنه لم يكن إلا مرورا عابرا بالجانب الشرقي من حيّ “لمغاس”، ولُقيانة قصيرة نشأ عنها كثير:

لا والذي بعث الهادي بشِرْعته / أليَّةَ البِر، والمولى بمرصاد .

لم يَحمني بيتُها حر النهار، ولا / شمس الظهيرة تصويبي وإصعادي . .

ما ذاك إلا وأني قد مررت بها / شرقيَّ لمغاسَ، روّاه الحيا الغادي .

فزوّدتْني غراما ليس ينقصه / إدمانيَ الدهرَ إنشائي وإنشادي .

 

ومنه كذلك قول ابن أحمد دام:

أما والغواني مِن أناة وناهد / وما طاب من أيامها والمعاهد .

وما لَذّ للعينين مِن بَشَراتها / وللأذْن قِدْما من حديث الخرائد .

لقد نزلَتْ أرضا أميمة منزلا / من القلب، لم تظهر به عين رائد .

 

وأغرب ما وقفت عليه من هذا الأسلوب في شعر الشناقطة أبيات نسبها المختار ولد حامد في الحياة الثقافية لبدي ولد الدين المالكي، كانت اليمين فيها بالمحبوبة لكنها يمين تبالغ في التفصيل والاستقصاء:

أما وبياضِ وجهكِ واسوداد / غدائركِ الغرابيب الجِعادِ .

وريقِكِ والمُقَبَّل والثنايا / ومقلتِكِ التي سَلَبتْ رُقادي .

وجيدِكِ والترائبِ والتراقي / وقدِّكِ والتأوُّدِ والتهادي .

لأنتِ مناي من دنياي فيما / مضى، ولأنتِ في الأخرى مرادي .

 

وفي هذا السياق تحضر يمين محمد ابن أحمد يوره التي تخترق برقّتها كل الأسوار المادّية لتنفذ إلى  أعماق القلوب:

حلفتُ يمينا لستُ فيها بحانث / لأني لِعُقبى الحانثين عَروفُ

لئن وقف الدمع الذي كان جاريا / لَثَمّ أمور ما لهنَّ وقوفُ .

 

وخير ختام لهذه النظائر أبيات لجمال ابن الحسن رحمه الله، يقولها في مدينة الرباط المغربية وقد كُلِّف بالحجز لابن بُتّار الذي ينوي العودة إلى الوطن، وذلك ينبني عليه ما ينبني بالنسبة لجمال الذي تقيده ظروف عمله في الرباط:

أما ونار الهوى لألاء أنوار ….. وحرمة الدار عند العارف الداري .

لولا الذي كان مما اللهُ يعلمه ….. لم أخلص السعي في حجز ابن بُتّارِ !

 

وهذا ما حضرني هذا الصباح، وما هي إلا شاردات تواردت على ذهني ودعا بعضها البعض، فأعتذر عن الارتجال وأنتظر من الندماء إتمام النقص وسد الخلل ..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق