أحمد أمين اباهصباحيات ذي المجازصباحيات ذي المجاز - صباحيات الاثنين

الابداع في لغن / أحمد أمين اباه

الابداع في لغن

يعتقد ابن رشيق القيرواني أن الشاعر سمي شاعرا لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره، فإذا لم يكن عند الشاعر توليد معنى، ولا اختراعه أو استظراف لفظ وابتداعه، أو زيادة فيما أجحف فيه غيره، من المعاني أو نقص مما أطاله سواه من الألفاظ، أو صرف معنى إلى وجه آخر، ولم يكن له إلا فضل الوزن، كان اسم الشاعر عليه مجازا لا حقيقة.

بهذا التعريف يترادف الشعر والإبداع، لكن تنتفي الصفة الشعرية عن العديد من ممتهني هذا الفن، ونعني هنا الأدب الحساني.

رغم ذلك عرف هذا الأدب، العديد من “الشعراء” والمبدعين من كافة الأجيال، ويمكن وصف مرحلة التأسيس بأنها مرحلة الابداع الحقيقية لأنها  كانت مرحلة “الخلق من غير سابق مثال”، ومن أبرز رواد هذه المرحلة سدوم ولد انجرتو الذي استحق بجدارة لقب “الشاعر”، واتهيدين أكبر شاهد على ذلك..

ولكي نأخذ أنموذجا قصيرا من “أغن” سدوم نكتفي بهذا المثال السهل الممتنع:

ول أعلمْبكّ ما تسواه – لنظار ولا تسوَ بباه

نعرف نوبه صيفت أمعاه – وكتن خان الناس البزول

خيرني فاخيار أخلياه – والحم يابس وأوخر مبلول

يا حجاج البيت المقدس – يا رب فعال المفعول

لا يعمل لحلوك اليبس – يبتلُّ من خميت لبلول

وإذا تجاوزنا مرحلة التأسيس، إلى المراحل اللاحقة، نتوقف عند أدباء اهتموا بالابتكار واستخدام البديع في توليد المعاني وإخراجها في صور تبهر وتدهش.

يقول سيديا ولد هدار

ول ابن ملان عاطيه=عن حق اعيال الله اعليه

حق اعيال الله اموديه=ماخلكت فيه اتفلفيشه

ؤمرجع زين اعليه اعلّيه=ما عندو عنو ترييشه

واطفل وافكراش اراعيه=اياك انكشحت لحشيشه

ومعاذ من فعل اعلّي=واستطفيل وتفكريشه

ظامر ومشنكر بيه الي=غابنتو وذنو في العيشه

هذا الفـعل الذي يؤدي إلى الدهـشة والإعجاب، هو الإبداع حسب عالم النفس الأمريكي جيروم برونر، ولكي يتحقق هذا الابداع لا بد من التجديد في الأفكار والمعاني، هذا ما فهمه المختار ولد عابدين ولد هدار وجاء بصورة جديدة في طلعة “الشارة” التي يمدح بها سليمان ولد الشيخ سيديا:

بل التكحيله فزكال  — زدفو مستكس ما يسال

عنو فالناس، اذ مزال — لاه ابان اعل اتفاصيله:

فالناس اتر زين التشلال — تنتك وتمسك ميله

وتجبر زدف الحم دم سال — اتعكب توف ذيك السيله

وذاك الا لرزاق او لحوال — ما ترتب كاع اعل حيله

فزكال -او ذ لا يشيان — عند الناس الي فضيله-

ما يزدف ماه سليمان  — -وحدو- من بل التكحيله.

مثل “هدّار”، أدرك العديد من “لمغنيين” أن ليس للوزن قيمة في ذاته بل فيما يتساوق معه من اختراع واستظراف، ومن هؤلاء من المعاصرين إبراهيم ولد أكليب، الذي غالبا ما يستغل انصراف معنى من وجه إلى وجه آخر:

هَاذَ الْــعَــامْ الْـجَـفَـافْ شَـيْنْ —  وَهْـلَ الْـحَيْـوَانَ امْـعَـيْـبِـيـــنْ

يَـامَسْ عَـنْـدْ أَمْ  ـ اَمْـكَـيْـلِيـنْ —  ـ خَـشْـبَ، ظَـلْ اَمْـنَـادِيـــنَ

وَلْ الـصَّــبَّـــارْ، ؤُظَــــالِّـــيـــنْ — اَمْــعَ الْــخَــظْــرَ تَـلْـهِــيــــنَ

وَنْـكُـولُ عَـــنَّ جَـــابْــرِيــــــنْ — مَــنْ لَـخْــظَـــارْ اَلْـكَـافِـيــــنَ

وتكثر النصوص التي تنتمي إلى هذه المدرسة أو تستعمل هذا الأسلوب الأدبي:

أمش ذا اللي ممكون – منو كايس لعيون

وأصبح بالي مشطون – من ذاك وذِ ثقله

وآنا راعين هون – فالكبلة من كبله

ولان فاهم فالحك – أشكيف اعل سبل

اعود من أمن أهل الشرك – حد أمن أهل الكبله

ومن المعاصرين الشباب جاء الدامي ولد آدبه بمعنى لم يسبق له في رثاء شقيقه.

خُـون‌َ دَورُ كــان امْـودِّيــــه  —  حتَّ دَورْ الْبُـو قَايمْ بيـــه

كـان، و كان ألِّي فَايتْ فيــه —   ذاك ألِّي دَرْنَ يُــسَــــــــوَّ

وأنَّ فـاتْ ابْحـكمـتْ نَبِيـــــهْ —  بَيـــَّظْ طَرِيـــقْ الْفُـــتــــُوَّ

 واعْلِينَ فَارگْ كانْ ايْدِيـــــهْ —  ايْــد احْنِيــنَ وايــد احْلُــوَّ

وكـان إِوَجَّهْـنَ، والتَّـوْجِيــهْ  —  فَخْبَــارْ الدِّيــنْ ولَمْـــــرُوَّ

ذَاكُــوَّ هُـوَّ وَقْــتْ اعْـلِيـــــهْ  —  تَنْعَـــاتْ الزَّنْــفَ وَالقُـــوَّ

وَافـْـذَ لَمْـرَابطْ عَــاشْ الگَـدْ  — امـــــن ايَّـــــامُ فالأُبُـــــــوَّ

والأُخُـوَّ مــــا عــندُ حَــــــدْ  —  فَالأُبُـــــــوَّ والأُخُـــــــــــوَّ

وَاعْگَــابَ أَيَّــامُ طَـاهْ الْحَــدْ —   مــنَّ مَــا نَعــْرَفْ مَنْهُــــوّ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق