دين ودنيا

خصال أعظم الناس نصيباً في القرآن

 

أيها الأحبة في الله: أعظم الناس مصيداً في القرآن من جمع بين ثلاث خصال:

 كثرة تلاوة القرآن والحرص على سماعه

الخصلة الأولى: كثرة تلاوة القرآن والحرص على سماعه، والله عز وجل أثنى على تلك الطائفتين، فقال في كتابه المبين: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ [فاطر:29] والله لا يحرص على تلاوة القرآن واستماعه إلا من أحبه الله عز وجل، وذلك بداية التوفيق لكي يكون الإنسان من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، الحرص على سماع القرآن وقراءته، ومن الناس من لا يرتاح إلا بسماع القرآن، وأذكر بعض العلماء الفضلاء:

كان إذا جلس على طعامه جلس والقرآن يتلى عليه، ومن الناس من لا تهنأ نفسه ولا يرتاح قلبه إلا بتلاوة القرآن، يتلوه قائماً، وقاعداً، ومضطجعاً كأنه نائم.

هذا من أعظم التوفيق أن تكثر تلاوة القرآن، ولا يوفق لكثرة تلاوة القرآن إلا من أحبه الله، وفي تلاوة القرآن رفعة الدرجات، ومضاعفة الحسنات، وحت الذنوب والخطيئات، فمن أكثر تلاوة القرآن جاء القرآن له شفيعاً، فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن سورةٍ من سوره، أحبها رجلٌ من العباد، وأكثر من تلاوتها، فأحل حلالها وحرم حرامها، وشاء الله عز وجل أن يختاره إلى جواره، فمات وانتقل إلى ربه فجاءت هذه السورة، وهو في ظلمات القبر وفي لحده ومضجعه، فجادلت عنه حتى أنجته من عذاب القبر وفتنة القبر، فما أجل القرآن إذا وفق العبد لتلاوته، وتفهم آياته، وتدبر عظاته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) كثرة تلاوة القرآن من أجل النعم التي يوفق لها الإنسان بعد نعمة الإيمان.

 الوقوف عند كل آية وعرض النفس عليها

الخصلة الثانية: إذا أكثرت من تلاوة القرآن فإياك ثم إياك أن تجاوز آيةً واحدة إلا وقد سألت نفسك ما موقفك من هذه الآية؟ أمرتك فهل ائتمرت، ونهتك فهل كففت وانزجرت، ما موقفك من هذه الآية الكريمة؟ هل هذه الآية حجة لك، أو حجة عليك؟

إذا تلوت آي آيةٍ من كتاب الله فقف معها، وسل نفسك، هل هذه الآية لك أو عليك، فإن كانت الآية لك، فاحمد الله على التوفيق، واسأله الثبات عليها إلى لقائه، فوالله الذي لا إله إلا هو ما من آيةٍ تقرأها ولا آيةٍ تسمعها، إلا وقفت بين يدي الله تقول: يارب عمل بي أو ردني؟

ما من آية تسمعها في حديث أو محاضرة أو صلاة، أو تكتبها أو تقرأها أو تنظر إليها، إلا كانت حجةً لك أو عليك، قال بعض العلماء رحمة الله عليهم: إن الناس يصلون في قيام رمضان، فمن قام رمضان كاملاً حتى ختم القرآن وهو يسمعه، فقد تمت حجة الله عليه.

كملت حجة الله عليه إذ بلغته جميع الآيات وانتهت إليه جميع العظات، فإما أن تنتهي به إلى الجنة، أو تنتهي به إلى النار، فإن الإنسان إذا تليت عليه آيات الله ما تليت عبثاً، إذا وقفت في أي موقف في الصلاة أو في محاضرة أو في ندوة أو في مجلس، وقرأت في كتاب أو في صحيفة على ورقة، ومرت بك آيةٌ من كتاب الله، فاعلم أن هذه الآية بمجرد أن تقرأها أنها قد بلغتك، فإما لك أو عليك.

تقف أمام القرآن وقفة الخائف الوجل، ولذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم، يقفون مع القرآن حرفاً حرفاً، وكانوا إذا علَّموا طلاب العلم كتاب الله، علموهم كتاب الله آيةً آيةً.

يقول مجاهد : [عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة -وقال في راوية ثانية-: عرضته ثلاث مراتٍ أسأله عن القرآن آيةً آيةً] وهذا من أبلغ ما يكون، فإنك إذا تلوت من القرآن قليلاً مع التدبر والتفهم، عرفت مكانك من القرآن، ولو لم يكن للإنسان مع القرآن إلا أن يعرف قدره، فإن ذلك من أعظم التوفيق.

المصدر :

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق