الأستاذ السيد أحمدو الطلبةصباحيات ذي المجازصباحيات ذي المجاز - صباحيات الخميس

سمر في بيت الشاعر / ذ. السيد أحمدو الطلبة

قبل ليلتين وأنا في العاصمة خطر بي أن أمر بالشاعر محمد الحافظ ولد أحمدو لأجلس معه ساعة في بيته الذي لم يدخل حلبة السباق العمراني مع منازل العاصمة .. والذي لا يسأل عامره عن السواد المقبل !
بيت ما يزال فيه رغم تحديات الزمن العنيد أريج من عبق السلف الصالح وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون ..

لأنقب عن كنوز أدبية نادرة لا يظفر بها الباحث في هذا العصر إلا في خبايا الكتب وضنائن التقاييد .. بينما يلقيها الشاعر عفو الكلام على جليسه، ثم لا يرى الشاعر أنه فعل بذلك كبير شيء يستحق التنويه !!
كان لي مع الشاعر حديث طويل استمر ثلاث ساعات وزيادة .. لا تسأل عن إمتاعه وطرافته وأخذه بالقلب كل مأخذ …..!

من أغرب ما جرت إليه أطراف الأحاديث ما حدثني به الرجل عن نفسه من كونه في سنة ١٩٧٨ م جمعته بغداد مع شاعر عراقي متعصب لنزار قباني لدرجة كبيرة، بلغت به تفضيله على المتنبي .. فكانت بين الرجلين مناظرة حامية الوطيس ..

 

هجم العراقي قائلا إن من محاسن نزار التي ليست لغيره كونه كنى في شعره بالمرأة عن الثورة .. فقال الشاعر بديهة لقد سبقه المتنبي إلى هذا في قوله :

محب كنى بالبيض عن مرهفاته .. وبالحسن في أنيابهن عن الصقل .
فقال العراقي لقد مزق نزار ملوك الخليج بهجائه .. فقال الشاعر : وفي هذه سبقه المتنبي .. ألم تر قوله في الملوك :

أسيرها بين أصنام أشاهدها .. ولا أشاهد فيها عفة الصنم .

وقوله في قصيدة أخرى :

وما أعاشر من أملاكهم ملكا .. إلا أحق بضرب الرأس من وثن 

وقوله في أخرى :

حولي بكل بلاد منهم حلق .. تخطي إذا جئت في استفهامها بمن .
فقال العراقي : فإن نزارا تحدث عن غزو الفضاء .. فقال الشاعر : وفي هذه أيضا سبقه المتنبي .. ألم يقل :

يرى النجوم بعيني من يساورها .. كأنها سلب في كف مسلوب

.
وهل يكون سلب إلا بعد غزو ? بل لا يكون إلا بعد انتصار في الغزو ?! أليست النجوم من أجرام الفضاء ?

ليس هذا هو عين غزو الفضاء ?

 

وفي محاولة أخيرة من العراقي لتعجيز الشاعر قال له فقد هجا نزار السادات رئيس مصر .. فأطرق الشاعر قليلا ثم رفع رأسه قائلا :

أولا يكون الشاعر في رأيك شاعرا حتى يهجو السادات ? فلقد هجا المتنبي السادات ..! ألم تر قوله :

لا يدرك المجد إلا سيد فطن .. لما يشق على ” السادات ” فعال ..

 

وهنا وقف حمار العراقي بالعقبة ونشر الراية البيضاء وجنح إلى السلم .. والصلح خير ..!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق