أحمد أمين اباهصباحيات ذي المجازصباحيات ذي المجاز - صباحيات الاثنين

لغن و النقد / أحمد أمين اباه

لغن و النقد

 

لم يعرف الأدب الحساني النقد بمفهومه ومقاييسه العلمية بل ظل النقد مقتصرا على جانبه الانطباعي والتأثري من قبيل “زين وماخاسر اعليه ش، ومعتاد” أو من قبيل

 

حَدْ اسْكَتْ عَنْ كَولْ الْمَوْزُونْ  = ماه شَيْنَ غَيرْ الٌ شَيْن

حَدْ إكُولُ مَاهُ مَوْزُونْ = وَللٌ مَوْزُونْ ءُلاَهُ زَيْن

 

ولم يتطور نقد لغن كثيرا بسبب المجاملات، وارتباط النقد عند البعض بجانبه السلبي “اشكاره” حيث يخلط كثير من الناس بين النقد والانتقاد.

وحسب رأيي فشلت المحاولات التي قام بها البعض –خاصة عبر وسائل الاعلام-  من أجل تشكيل رؤى نقدية خاصة بالأدب الحساني، وذلك لعدة أسباب من بينها التركيز على الجانب الفني للنص، واستخدام أدوات نقدية خاصة بالشعر العربي أو بالشعر الحديث، قد لا تتناسب مع الشعر “العامي”.

وسنقدم ملاحظات عامة بخصوص النقد في لغن.

الجانب الفني: لكي ينتمي النص إلى دائرة لغن لا بد أن يكون موزونا وسليما من العيوب الشكلية ومنها:

–     الايطاء: هو أن تتكرر كلمة الروي بلفظها ومعناها

–     الزي: وهو السّناد ويقع في والحركات، في الحروف كأن يكون الحرف مرققا ومغلظا، وهنا أتذكر گافا طريفا حكاه لي محمد ولد هدار ردا على أحد  المبتدئين، حيث قال هذا المبتدأ كاف أورد في كلمة الراوي الأولى “اشگارَ” بترقيق الراء، وفي الكلمة الثانية “اصطارَ” بالتفخيم، فرد محمد:

 

عالي ذا بدعُ مستظرف = كال اشگارَ والصطارَ

وابكيت الراوي مانعرف = كانو آرَ ولل آرَ.

 

وهناك أنواع من الزي مثل اختلاف ما قبل الراوي من الحروف والحركات (مثل الياء الساكنة وياء المد قبل حرف الراوي)

ومن عيوب القافية كذك بل من الخطأ الوزن بالضمير مثل (قولك ، وعينك)

-اتعكلي: لا بد من تجنبه حتى يستقيم الوزن أو يكون سلسا على الأقل، وهو سماعي لا قاعدة له، ومن أسبابه تتابع الحركات، وقد أورد الأديب الشاب محمد سالم ولد أذويب مثالا جميلا للتفرقة بين اتعكلي ولملاس،  والمثال هو” ألْبنْ الْبلْ ” و “لبن البل”، حيث أن الأولى ثقيلة خاصة إذا كان قبلها متحرك في حين ان الثانية خفيفة على اللسان.

ومن بين العيوب الشكلية، الافلاق في غير محله، مثل افلاق حرف غير مشدد، وكذلك الادغام في غير محله في “بتوتت الكدعه”.

لكن إذا اكتملت الشروط العروضية للنص وسلم من العيوب، هل يسمى شعرا؟ سؤال أجاب عنه جل النقاد عندما أكدوا أن ليس كل موزون مقفى شعرا، فبعد الانتهاء من التقييم الفني للنص ننتقل إلى المحاكمة الإبداعية، وهي استشفاف الروح الشعرية المبثوثة في ثنايا النص، فقد تجد نصا سليم الأدوات إلا أنه خالي من الروح.

في الختام نقدم هذا النص كنموذج للروح الشعرية وسلاسة الألفاظ وقوة السبك.

 

كَــانْ امْنْ الِّ يَـزْهَ لِلْعَيْــــنْ   تِخرَاصْ النَّخْلاَتْ الثِّنْتَيْــــنْ

و شَوْفْ التَّزَايَ مِنْ شِكَّيْـنْ   و اكْرَاعْ الخَيْلْ و ذَاكْ أكَيْلْ

إلِّ يَظْهَـــرْ للْوَاكِــفْ بَيْــنْ    التَّــــزَايَ و اكْرَاعْ الخَيْـــلْ

و ابْهِنْضَامْ و مَشْرَعْ بِرَانْ    بَلْ امْنَيْنْ اكْتـَرْنُ بالسَّيْـــلْ

مِنْ كِبْلَ ذَاكْ امْنْ الِّ كَــانْ    شَوْفُ يَــزْهَ لِلْعَيــْنْ اكْبَيْــلْ

 

-يتواصل إن شاء الله-

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق